الأعياد المجيدة محطة أولى لتنشيط السياحة في بيت لحم
تم النشربتاريخ : 2021-12-09
تتزين محافظة بيت لحم بمشاريع متنوعة تحت عنوان “يعم الفرح بنجمة بيت لحم”، بهدف تنشيط السياحة خلال الأعياد المجيدة، وذلك عبر إطلاق وتنظيم فعاليات رسمية وشعبية ومهرجانات غنائية واستقبال الوفود السياحية والحجيج من جميع أنحام العالم بعد غياب دام قرابة عامين للأجواء الاحتفالية بالميلاد عن مهد المسيح بسبب جائحة كورونا.
وعلى الرغم من التعايش مع جائحة كورونا وجهوزية المرافق الدينية والسياحية لاستقبال السياح والوفود الدينية، والحج إلى الأماكن المقدسة، باعتماد بروتوكولات صحية سياحية بمعايير عالمية، بيد أن الفلسطينيين في بيت لحم، يستبعدون بسبب إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي مطار “بن غوريون” أمام السياحة الأجنبية، أي أفق لعودة السياحة الدينية إلى سابق عهدها بعد أن أنهكتها جائحة كورونا، وقلصت أعداد وفود الحجيج والسياح الأجانب بشكل غير مسبوق.
ورغم المعاناة التي تعيشها فلسطين بما فيها مدينة بيت لحم، إلا أن مدينة المهد تسعى للتغلب على كافة الصعوبات والعراقيل، لتتزين بقيم الميلاد في مسيرة بعنوان “الميلاد رسالة حياة ووجود” التي تغلب الأمل على الألم لتحتفل بالأعياد المجيدة، مع إضاءة شجرة الميلاد التي ستطلق احتفالات أعياد الميلاد.
عودة سوق الميلاد
يعود سوق الميلاد إلى مدينة المهد، إذ يقام سوق الميلاد على مدار 10 أيام خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، لأول مرة في شارع النجمة، وسيتم الترويج لبيت لحم سياحيا، وتنشيط السياحة الداخلية، وتفعيل الاقتصاد المحلي مع المساهمة في تسويق المنتجات اليدوية المحلية التراثية، وتم إطلاق المشروع ورعاية الاحتفالات بمنحة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس
ومع جهوزية محافظة بيت لحم للاحتفال بأعياد الميلاد، تتطلع وزارة السياحة والآثار الفلسطينية بالتعاون مع جمعيات القطاع السياحي، من خلال مشروع “بيت لحم هالمرة غير..”، لتشجيع السياحة الداخلية إلى محافظة بيت لحم، لتكون الأعياد المجيدة المحطة الأولى لجذب السياح من الداخل إلى المحافظة وفنادقها وأسواقها ومتاحفها ومعارضها ومعالمها في البعد الديني، والوطني، والثقافي، والطبيعي.
وتهدف الوزارة في ظل جائحة كورونا والعراقيل التي تضعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تحول دون وصول الحجيج الأجانب إلى زيادة عدد الزوار من فلسطينيي 48 إلى بيت لحم وتشجيعهم على الإقامة والتسوق وزيارة مواقع ومبادرات ومسارات سياحية جديدة فيها.
غياب السياحة الدينية
يولي الأب عارف يمين من مدينة سخنين، أهمية قصوى لتشجيع السياحة إلى بيت لحم ومنطقتها لدعم أهل المحافظة الذين تكبدوا خسائر فادحة من جراء غياب السياحة الدينية لمدينة المهد في ظل جائحة كورونا، ويرى بالأعياد المجيدة محطة مهمة جدا لجذب السياح والعائلات من الداخل لإنعاش الحياة في المدينة المقدسة.
وأوضح الأب يمين لـ”عرب 48″ أن السياحة إلى بيت لحم تدخل المسرة والسلام الداخلي لقلوب الزائرين، وكذلك تعزز السلام والعلاقة ما بين الإنسان وربه، إذ أن زيارة مدينة المهد في ظل محنة كورونا بمثابة واجب ديني وأخلاقي وإنساني ووطني، لتعزيز صمود أهالي المحافظة وتوثيق الروابط واللحمة بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد.
وأشار إلى أن بيت لحم ليست مدينة فلسطينية وحسب، بل هي مدينة عالمية كان يؤمها قبل كورونا مئات آلاف السياح والحجيج سنويا من جميع أرجاء العالم، لما لها من دلالات وقدسية دينية لولادة سيدنا المسيح وخلاص البشرية نحو السلم والسلام والاستقرار، وهو ما بحاجة إليه بيت لحم بالذات
مدينة المهد وكورونا
وقال الأب يمين إن “بيت لحم بمرافقها السياحية ومقدساتها ومعالمها الدينية والكنائس عاشت خلال جائحة كورونا في سبات عميق وشلل سياحي انعكس سلبا على الاقتصاد والتجارة، وبعد غياب لعامين عن مدينة المهد عادت الحياة تدريجيا، لعل الأعياد المجيدة تكون بداية لعودة الحياة إلى طبيعتها وتنشط الاقتصاد والتجارة، والأهم أن تعود الحياة الدينية للمدينة المقدسة”.
ويعتقد أن الواجب الديني والوطني يحتم على كل فلسطيني دعم السياحة الداخلية من خلال زيارة المقدسات والكنائس والمساجد والمواقع التاريخية، مشيرا إلى أن زيارة المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وكنيستي القيامة والمهد، عدا عن القيم الدينية، فإنها تحمل جوانب وطنية لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وخدمة الإنسانية وإغاثة البشرية بالذات بالمحن، وهي الرسالة التي يحملها الأنبياء والديانات السماوية.
تشجيع السياحة الداخلية
وعلى مدار العام قبل جائحة كورونا، كان يؤم محافظة بيت لحم عامة وكنيسة المهد خاصة، يوميا آلاف السياح الأجانب والحجاج من مختلف أنحاء العالم، لكن منذ بداية الجائحة لم تعد تشهد المحافظة والأماكن الدينية المقدسة والمواقع السياحية إلا زيارات محدودة لوفود سياحية من الضفة والداخل الفلسطيني.
ولتشجيع السياحة في الأعياد المجيدة، اختارت وزارة السياحة الفلسطينية الاستعانة بمكاتب السياحة من الداخلي، وقال مدير مكتب الحجوزات في شركة نزارين، معين أبو سنينة، إن الشركة وظفت كافة الإمكانيات التي لديها من أجل جذب السياح والحجيج والوفود السياحية من أي مكان بالداخل والخارج لتكون وجهتهم بيت لحم.
وأوضح أبو سنينة لـ”عرب 48″ أن الشركة التي استجابت لطلب وزارة السياحة الفلسطينية رأت لزاما عليها أن تتجند لتشجيع السياحة إلى بيت لحم، لتكون الأعياد المجيدة فاتحة لجذب السياح للمدينة على مدار العام من خلال توفير رزم سياحية دينية واستجمام للعائلة، ولتكون السياحة الرافعة لتنشيط الحياة الاقتصادية والتجارية لمحافظة بيت لحم التي تعيش حالة من الشلل بسبب جائحة كورونا.
وأشاد أبو سنينة بمشروع تنشيط السياحة الذي أتى تحت عنوان “بيت لحم هالمرة غير..”، مشيرا إلى أن التجارب السابقة لجذب السياح من الداخل إلى أريحا ورام الله أثبتت أنه بالإمكان تصويب بوصلة السياحة الداخلية أيضا إلى بيت لحم على مدار العام وعدم اقتصار ذلك على فترة الأعياد المجيدة، مؤكدا بأن ذلك بحاجة لتنسيق وتعاون وخطة عمل مشتركة لتسويق الرزم السياحية للعائلات من الداخل على مدار العام.
المعالم الأثرية والسياحية
ولعل أبرز المعالم الأثرية في ساحة المهد مسجد عمر بن الخطاب الذي يشهد “العهدة العمرية” قبالة كنيسة المهد، وهناك أيضا كنيسة حقل الرعاة، ودير أرطاس وبرك سليمان، إضافة إلى المتاحف المنتشرة في الأسواق وأزقة البلدة القديمة التي تدمج بين البعد الديني والوطني والسرد التاريخي للمكان، بحسب ما سردها ونقلها لـ”عرب 48″ الدليل السياحي، رمزي سلسلع.
وعلى جانبي ساحة المهد، ينقلنا الدليل السياحي سلسلع بين محطات التاريخ والحضارة، عبر المسجد العمري الذي شيد بالعام 1860م في الموقع الذي صلى فيه الخليفة عمر بن الخطاب عند زيارته للللمدينة في عام 637م، إلى كنيسة المهد التي تعد أقدم كنيسة في العالم، إذ بنيت في عهد الإمبراطور قسطنطين بالعام 339م.وتضم الكنيسة ما يعرف بكهف ميلاد المسيح وأرضيات من الرخام الأبيض، ويزين الكهف أربعة عشرة قنديلا فضيا والعديد من صور القديسين. ويقول سلسلع إن “الكنيسة عبارة عن مجمع ديني كبير يمثل الطوائف المسيحية المختلفة فهناك الدير الأرثوذكسي، والدير الأرمني، والدير الفرانسيسكاني”.
السرد الحضاري والتاريخي
إضافة إلى ذلك، يقول الدليل السياحي لـ”عرب 48″ إنه “تنتشر المتاحف في الأسواق وأزقة البلدة القديمة، إذ تجمع هذه المتاحف بين البعد الديني والوطني والسرد التاريخي للمكان، وتضم بين جدرانها مشاهد الحضارة والثقافة والفن والتراث الفلسطيني والجذور الكنعانية لأرض فلسطين”.
وينعكس السرد الحضاري والتاريخي لبيت لحم وتخومها بمركز التراث الفلسطيني، والذي يهدف لإحياء وتوثيق التراث الفلسطيني والتصدي لكل محاولات طمس وهدم هذا التراث والهوية والوجود الفلسطيني، وكذلك بمتحف فلسطين للتاريخ الطبيعي، بينما يصب تركيز متحف بيت لحم على تاريخ مدينة بيت لحم بشكل خاص وتاريخ فلسطين بشكل عام.